کد مطلب:163927 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:170

الشاعر المستضعف لسان الثوری
الشعراء المناضلون فی التاریخ كانوا یعیشون علی أكل خبزة یابسة، وینامون فی الشوارع، و یهیمون علی وجوههم فی الصحراء، ولكنهم یحملون رسالة الشعر الحقیقیة.

فالفرزدق الذی كان من الموالین لاهل البیت (ع) وكان والده أیضاً من أصحاب الامام علی (ع)، هذا الرجل مرّ بالامام الحسین(ع) وهو یسیر باتجاه مكة، فقال له: یابن رسول الله.. الی أین تذهب؟ قال: الی الكوفة، قال: یابن رسول الله لا تذهب الی الكوفة، لانهم لن یستقبولك، قال الامام: كیف تجد الناس؟ قال: یابن رسول الله (قلوبهم معك وسیوفهم علیك)

لم یتقبل الامام الحسین (ع)كلامه، وذهب، فأثرت هذه الحادثة فی قلب الفرزدق أثراً بالغاً.. ویخیّل لی، ان الفرزدق وقف یرقب قافلة الامام الحسین (ع) وهی تتجه الی الموت.

وقف طویلاً ینظر الی هذه القافلة قبل أن یبتلعها غبار الصحراءن وبقی أثر تلك النظرات فی قلب الفرزدق حتی انفجر شعراً فی وجه النظام الاموی، وفی مكة المكرمة وعند البیت الحرام وفی مدح الامام زین العابدین- علیه الصلاة و السلام - ابن الامام الحسین (ع) فی قصیدته المشهورة:



هذا الذی تعرف البطحاء وطأته

والبیت یعرفه والحل والحرم



هذا ابـن فاطمة ان كنت جاهله

بجـده أنبیاء الله قد خـتموا



وفی یومه كان الشعراء هم الحكماء وألسنة الجماهیر، وهم الجهاز الاعلامی الوحید تقریباً فی ذلك الیوم وفی ذلك العصر.

وهذه القصیدة كانت من القصائد الاساسیة التی ساهمت فی اسقاط بنی أمیة وحیث تحمل مسؤولیة شعره، وذهب راضیاً الی السجن.. هذا الشاعر الذی انتصر من بعد ما ظلم، كما یقول الله سبحانه وتعالی، وهكذا دعبل الخزاعی تراه یهیم علی وجهه فی الصحراء عدة سنین وهو یحمل خشبته علی كتفه، فجاءت مجموعة من اللصوص وسطوا علی قافلة دعبل الخزاعی، وهم یرتلون أشعاره بعدما سرقوا كل ملابسه وأمواله، وسألهم ما هذه الاشعار التی تقرؤنها؟

قالوا هذا شعر الشاعر العظیم، شاعر المحرومین شاعر المستضعفین (دعبل)!، قال أتعرفون دعبل؟ قالوا: لا. قال: أنا دعبل، قالوا: لا نصدقك!! وجاءوا به الی رئیسهم، فلما كلمه عرفه.

كان شعره أنشودة یرددها كل البؤساء لانه كان جزءاً من هذه الطبقة المحرومة، وهكذا (ابن السكیت) بطریقة أخری دافع عن هذه الطبقة.

ان الذی یرید أن یحمل رسالة الشعر-رسالة الكلمة-لابد أن یكون ممن قال عنه الله سبحانه وتعالی:

«إلا الذین آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثیراً» (227/الشعراء).

یكون هدفه ذكر الله تعالی، وشعره فی توجیه الناس الی الله سبحان وتعالی:

«وانتصروا من بعد ما ظلموا».

ثم القرآن الكریم یبین ویقول:

«وسیعلم الذین ظلموا أی منقلب ینقلبون» (227/الشعراء).

وبهذه الآیة المباركة التی یبدأ الخطباء والعلماء أحادیثهم، ونعم ما یبدأون.

أیها الخطباء، یامن تحملون رسالة الشهداء فی التاریخ، یامن تحولون دم الشهید الی روافد، یجب أن لا تزرعوا الیأس فی قلوب الناس، بل یكون هدفكم هو زرع الشجاعة والامل وزرع الرجاء فی قلوب الناس.

ونرجوا من الله سبحانه وتعالی أن ینصر أمتنا.

ومن هنا، فإن هذه الآیة المباركة تحمل الخطباء مسؤولیة تحویل دماء الشهداء الی قنوات جادة للعمل الاسلامی، معتمدة فی ذلك علی زرع الشجاعة والامل والرجاء فی قلوب الناس، بدلاً من تثبیطهم عن الجهاد.

نرجوا من الله سبحانه وتعالی أن ینصر أمتنا الاسلامیة علی أعدائها الحقیقین فی صراعها الطویل.